السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بـــــســــم الـــلــــه الـــــرحـــمـــن الـــــرحــــيـــــم
( تأملات فى القرآن الكريم )
الحلقة السادسة
- من صور يوم القيامة 1-
الحمد لله رب العالمين .. أحمده حمد الشاكرين ... وأشكره شكر الحامدين ... إله الأولين والآخرين ... وصلاة الله وسلامه ورحماته وبركاته على صفوة خلقه، وخاتم أنبيائه ورسله ، سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين ، وصحابته أجمعين ، ورحمة الله ومغفرته للتابعين ، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين .
حديثنا اليوم بفضل الله تعالى ... عن بعض صور يوم القيامة ... وردت فى القرآن الكريم .
يقول الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم : ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) . آل عمران ( 76 ) ... أى أن وجوه المؤمنين ستكون متلألئة بالنور ، بيضاء مليئة بالسرور ... بينما تكون وجوه غير المؤمنين مليئة بالإنقباض ، سوداء مما ينتظرها من الهم والعذاب ، ، ويوضح الصورة أكثر قول الله سبحانه وتعالى ( خاشعين من الذل ) . الشورى . ( 45 ) ... وذلك يرينا كيف أن الكفار والعاصين فى يوم القيامة سيشعرون بذلٍ رهيب بعد أن كانوا فى الدنيا يملؤهم الكبر والكبرياء بما كانوا فيه من نعمة وجاه ... ولكنهم فى يوم القيامة ذهبت عنهم وسائل كبريائهم الدنيوية ، وانتهت تماما وسائل غرورهم ، وأصبحوا أمام الله لا تحيط بهم إلا ذنوبهم .. وهكذا يغشى وجوههم الذل .
ولتصوير ما سيحدث بصورة تقربه للأذهان .. يعطينا الله صورا كثيرة لهذا اليوم فى قوله سبحانه وتعالى : ( يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ) . سورة غافر . ( 33 ) ... ويقول الحق جل جلاله : ( فأين تذهبون ) . التكوير . ( 26 )
ومعنى ذلك أن غير المؤمنين حين يرون هذا الهول الكبير يتمنون أن يهربوا من الله سبحانه وتعالى .. ولكن هل يستطيع أى إنسان مهما هرب ، أن يهرب من الله ؟ .. وإلى أين يذهب ؟!! .. والملك كله لله ..
و تكتمل الصورة أكثر بقوله تعالى : ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتنى اتخذت مع الرسول سبيلا ) ....
أى أن الله سبحانه وتعالى قد بين لنا الفرق بين صورة الظالم وصورة الكافر .. فالظالم هو الذى آمن ، ولكنه ظلم نفسه بالمعصية .. ذلك من الندم يعض على يديه ، لأنه يعرف أن عذابا شديدا ينتظره .. أما الكافر فيعرف أنه مخلد فى النار ويرى النار وهولها .. وحينئذ يتمنى لو أنه لم يكن مخلوقا من بشر .. بل كان جمادا لا يملك فكرا ولا إرادة ، لأن فكره أضلّه .. وإرادته قادته إلى العذاب ليخلد فى النار . وهو يعرف أنه لن يخرج منها .. وحينئذ يتمنى لو أن لديه ملء الأرض ذهبا ، ومثله معه ، فهو مستعد لأن يضحى بهذا المال كله لينجيه من العذاب .. ولكن هـــــيـــــــــهــــــــــــــــــــات .
ومع أن هذه الصورة قد أعطيت لنا فى القرآن الكريم .. وقرأناها ونحن فى الحياة الدنيا .. وكان من الواجب ان تجعلنا نفزع إلى الله ونتبع منهجه .. ونلتصق بهذا المنهج حتى ينجينا الله من العذاب .. فإن كثيرا من الناس يسمع وصفا لهذه الصورة فى القرآن الكريم .. فلا يهتز قلبه .. لماذا ؟؟ .. لأن العذاب محجوب عنا فى الدنيا .. ولو أن واحدا منا رأى عذاب الآخرة لامتنع عن كل المعاصى الدنيوية .
يبقى بعد ذلك استكمال الصورة التى رسمها القرآن الكريم بالنسبة ليوم القيامة ..
فالله سبحانه وتعالى يقول : ( ونحشره يوم القيامة أعمى .. قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا ... قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ) . طه ( 125-126 ) ... وقوله تعالى : ( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا ) . الأعراف ( 51 ).
وقول الله سبحانه وتعالى : ( أعمى ) ...
- يمكن أن يكون معناه العمى الدنيوى ... لأن الكافر يوم القيامة ستحيط به ظلمات ذنوبه ، فلا يرى شيئا ويمشى ويتخبط ...
- ويمكن ان يكون معناه أيضا العمى المعنوى ، وذلك من سوء ما ينتظره يوم الحساب .. يتخبط كالأعمى تماما .
- ومعناه أيضا أن المسائل تختلط على الكافر بسبب هوى النفس الذى كان يتَّبعه ، فلا يستطيع نظره أن يميز شيئا فيمشى وهو يتخبط .
واستخدام الله سبحانه وتعالى لكلمة ( ننساهم ) .. ليس معناه أن الله سينسى الظالم فى الآخرة ، فلا يحاسبه . . . ولكن الله ينساه.. أى : من موجبات رحمته فلا يرحمه .. ويظل الكافر والظالم يستغيثان ... ولكن الله لا يستمع إليهما .. كذلك ينسى الله سبحانه وتعالى الكافر من موجبات عفوه يوم القيامة ، فلا يعفو عنه أبدا ، ويظل خالدا فى النار ... ذلك أن هؤلاء الناس خرجوا على منهج الله فى الدنيا ونقضوه ولم يعملوا به ... فكيف يريدون عفو صاحب المنهج فى الآخرة ؟!
وقول الله سبحانه : ( و أشرقت الأرض بنور ربها ) . الزمر ( 69 ) . معناه :... أنه لن تكون هناك شموس ولا نجوم ولا أقمار .. ولكن نور الله سيأتى مباشرة إلى خلقه ينير كل شئ .
بهذا تنتهى الحلقة السادسة ... منتظر تعليقاتكم .. ،،
أما عن ورد الأدعية لهذا اليوم .. فنحن مع أدعية سور العنكبوت وفاطر والصافات و ص والزمر وغافر و الشورى وجاء فيها :
- ( رب انصرنى على القوم المفسدين ) . العنكبوت ( 30 ) .
- ( الحمد لله الذى أذهب عنا الحَزَنَ إن ربنا لغفور شكور ) . فاطر ( 34 ) .
- ( رب هب لى من الصالحين ) . الصافات ( 100 ) .
- ( رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب ) . سورة ص ( 35 ) .
- ( اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانو فيه يختلفون ) . الزمر ( 46 ).
- ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقِهِم عذاب الجحيم .. ربنا وأدخلهم جنات عدن التى وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم ... وقِهِم السيئات ومن تقِ السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم ) . غافر( 7-8-9 ) .
- ( الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب ) . الشورى ( 10 ) .
والله تعالى أسأل أن يجعل ما قلته زادا إلى حسن المصير إليه .. وعتادا إلى يمن القدوم عليه .. إنه بكل جميل كفيل وهو حسبنا ونعم الوكيل .
وأعوذ بالله أن أكون جسرا تعبرون عليه إلى الجنة ثم يرمى به فى جهنم .. ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه .
سبحانك اللهم وبحمدك .. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك ...