مالي فُتِنْتُ بلحْظِكِ الْفَتَّاكِ | وسَلَوْتُ كُلَّ مَلِيحَة ٍ إِلاَّكِ |
يُسْرَاكِ قَدْ مَلَكَتْ زِمَامَ صَبَابتي | ومَضَلَّتِي وهُدَاي في يُمْنَاكِ |
فَإِذا وَصَلْتِ فَكُلُّ شَيْءٍ باسِمُ | وإذا هَجَرْتِ فكلُ شَيْءٍ باكِي |
هذا دَمِي في وَجْنَتَيْكِ عَرَفْتُهُ | لا تَستَطِيعُ جُحُودَهُ عَيْنَاكِ |
لو لم أَخَفْ حَرَّ الْهَوى وَلَهِيبَهُ | لَجَعَلْتُ بَيْنَ جَوَانحي مَثْوَاكِ |
إِنِّي أَغارُ منَ الْكُؤوسِ فَجنِّبِي | كَأْسَ الْمُدَامَة ِ أَنْ تُقَبِّلَ فَاكِ |
خدَعَتْكِ ما عَذُبَ السُّلافُ وإنَّمَا | قد ذُقْتِ لَمَّا ذُقْتِ حُلْوَ لمَاكِ |
لَكِ مِنْ شَبَابِكِ أَوْ دَلاَلِكِ نَشْوة ٌ | سَحَرَ الأَنَامَ بِفِعْلِها عِطْفَاكِ |
قالَتْ خَلِيلتُها لها لِتُلِينَها | ماذا جَنَى لَمَّا هَجَرْتِ فَتَاكِ |
هِيَ نَظْرَة ٌ لاقَتْ بِعَيْنِكِ مِثْلَهَا | ما كَانَ أَغْنَاهُ وما أَغْناكِ |
قد كانَ أَرْسَلَهَا لِصَيْدِكِ لاهِياً | فَفَررْتِ مِنْهُ وعادَ في الأَشْرَاكِ |
عَهْدِي بِه لَبِقَ الْحدِيثِ فَمَالَهُ | لا يَسْتَطيعُ الْقَوْلَ حِينَ يَرَاكِ |
إِيَّاكِ أَنْ تَقْضِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ | عَرَفَ الحياة َ بحُبِّهِ إِيَّاكِ |
إنَّ الشَّبَابَ وَدِيعَة ٌ مَرْدُودَة ٌ | والزُّهْدُ فِيهِ تَزَمُّتُ النُّسَّاكِ |
فَتَشَمَّمِي وَرْدَ الْحياة ِ فَإِنَّهُ | يَمْضِي ولا يَبْقَى سِوَى الأَشْوَاكِ |
لم تُنْصِتي وَمَشَيْتِ غَيْرَ مُجِيبَة ٍ | حَتَّى كأَنَّ حَدِيثَها لِسِواكِ |
وَبَكَتْ عَلَيَّ فما رَحِمْتِ بُكاءَها | ما كانَ أَعْطَفَهَا وما أَقْساكِ |
عَطَفَتْ عَلَيَّ النَّيِّرَاتُ وساءَلَتْ | مَذْعُورَة ً قَمَرَ السَماءِ أَخاكِ |
قالَتْ نَرى شَبَحَا يَرُوحُ ويَغْتَدِي | ويَبُثُّ في الأكْوانِ لَوعَة َ شاكِي |
أَنَّاتُ مَجْرُوحٍ يُعالِجُ سَهْمَهُ | وزَفِيرُ مأسُورٍ بِغَيْرِ فَكاكِ |
يَقْضِي سَوادَ الَّليْلِ غَيْرَ مُوَسَّدٍ | عَيْنٌ مُسَهَّدَة ٌ وقَلْبٌ ذاكِي |
حَتَّى إذا ما الصبْحُ جَرَّدَ نَصْلَهُ | الْفَيْتَهُ جِسْمًا بِغَيْرِ حَراكِ |
إِنَّا نكادُ أسًى عَلَيْهِ ورَحْمَة ً | لِشَبابِهِ نَهْوى مِنَ اْلأَفْلاكِ |
مِنْ عَهْدِ قابِيلٍ ولَيْسَ أمامَنا | في الأرضِ غيْرُ تَشاكُسٍ وعِراكِ |
ما بَيْنَ فَاتِكَة ٍ تَصُول بِقَدِّها | وفَتًى يَصُولُ بِرُمْحِهِ فَتَّاكِ |
يا أرْضُ وَيْحَكِ قَدْ رَوِيتِ فأَسْئِري | وكَفَاكِ مِنْ تِلْكَ الدِماءِ كَفَاكِ |
في كلِّ رَبْعٍ مِنْ رُبُوعِكِ مَأْتَمٌ | وثَوَاكِلُ ونَوادبٌ وبَواكِي |
قد قامَ أَهْلُ الْعِلْم فِيك ودَبَّرُوا | بِرَئَتْ يَدِي مِنْ إِثمِهِمْ ويَداكِ |
كاشَفْتِهِمْ سِرَّ الْعَناصِرِ فَانْبَرَوْا | يَتَخَيَّرُونَ أمَضَّها لِرَداكِ |
نَثَرُوا كنانَتَهُمْ وكُلَّ سِهامِها | لِلْفَتْكِ والتَدْمِيِر واْلإِهْلاكِ |
دَخَلُوا عَلَى العقبانِ في أوْكارِهَا | وتسَرَّبُوا لِمَسابِحِ الأسْمَاكِ |
فَتَأَمَّلي هَلْ في تُخُومِكِ مَأْمَنٌ | أَمْ هَلْ هُنالِكَ مَعْقِلٌ بِذُرَاكِ |
ظَهْرُ الُلُيوثِ وذاكَ أَصْعَبُ مَرْكبٍ | أَوْفَى وأَكرَمُ مِنْ أَدِيمِ ثَراك |
لَيْتَ الْبِحارِ طَغَتْ عَلَيْكِ وسُجِّرتْ | أو أَنَّ مَنْ يَطْوِي السَماءَ طَوَاك |
لم يَبْقَ في اْلإِنْسانِ غَيْرُ ذَمائِهِ | فَدَراكِ يارَبَّ السَماءِ دَراك |
وإِذا النُفُوسُ تَفَرَّقَتْ نَزَعاتُها | قامَتْ إِذا قامَتْ بِغَيْر مَساك |
والسَيْفُ أَظْلَمُ ما فَزِعَتْ لِحُكْمِه | والْحَزْمُ خَيْرُ شَمائِلِ الأَمْلاكِ |
ومِنَ الدماءِ طَهارَة ٌ وَعدالَة ٌ | ومِنَ الدماءِ جِنايَة ُ السُّفّاكِ |
والْعِلْمُ مِيزانُ الْحَياة ِ فإِنْ هَوَى | هَوَتِ الْحَياة ُ لأَسْفلِ الأَدْرَاك |
وهذه القصيدة غنتها منيرة المهدية..